حياتها مع على
وعاشت السيدة فاطمة حياة متواضعة وكانت تعمل بيدها بالرحى حتى أثرت فى يدها ولقد رزق منها الإمام علىّ بالذرية الصالحة ببركة دعاء النبى فقد رزق منها بالحسن والحسين وزينب وأم كلثوم
وكان الإمام عليّ بن أبى طالب يكفى فاطمة العمل خارج البيت وأشار على أمه أن تكفى فاطمة خدمة البيت فلقد أضعفها العمل فأثرت الرحى فى يديها وضعف بدنها وعلم الإمام علىّ أن رسول الله قدم إليه سبىُُ فذهبا يسألان رسول الله خادما ،
فلقد روى لما علم علىّ أن النبى قد جاءه خدم قال لفاطمة لو أتيت أباك فسألتيه خادما ؟ فأتته فقال النبى : " ما جاء بك يا بنية ؟ "
فقالت : جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله
فأتاها رسول الله فقال على يا رسول الله : أدارت الرحى حتى أثرت فى يدها وحملت القربة حتى أثرت فى نحرها فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تسألك فتستخدمها خادما يقيها التعب وما هى فيه من الشدة .
فقال النبى : " والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكنى أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم "
ورجع رسول الله إلى بيته ثم أتاهما وقد تغطيا بقطيفتهما إذا غطيا أقدامهما تكشف رأساهما فتأثر ثم قال : " مكانكما ألا أخبركما بخير مما سألتمانى ؟ "
فقالا : بلى .
فقال: " كلمات علمنيهن جبريل - عليه السلام - : تسبحان فى دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا وإذا آويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثا وثلاثين وتحمدان ثلاثا وثلاثين وتكبران ثلاثا وثلاثين " ثم ودعهما ومضى فما زالت فاطمة وعلىّ - رضى الله عنهما - يواظبان على ترديدهما طوال حياتهما
و روى أَنَّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَلَمَّا سَمِعَتْ فَاطِمَةُ، أَتَتْ، فَقَالَتْ:
إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُوْنَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ.
فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعْتُهُ حِيْنَ تَشَهَّدَ، فَقَالَ: (أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا العَاصِ بنَ الرَّبِيْعِ، فَحَدَّثَنِي، فَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوْهَا، وَإِنَّهَا -وَاللهِ- لاَ تَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُوْلِ اللهِ وَابْنَةُ عَدُوِّ اللهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ).
فَتَرَكَ عَلِيٌّ الخِطْبَةَ.
و فى روايه أخرى : (وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِيْنِهَا).
حب الرسول صلى الله عليه و سلم لها و فضلها
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ).
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (نَزَلَ مَلَكٌ، فَبَشَّرَنِي أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ).
عن ثوبان قال:
دَخَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَاطِمَةَ وَأَنَا مَعَهُ، وَقَدْ أَخَذَتْ مِنْ عُنُقِهَا سِلْسِلَةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَتْ: هَذِهِ أَهْدَاهَا لِي أَبُو حَسَنٍ.
فَقَالَ: (يَا فَاطِمَةُ! أَيَسُرُّكِ أَنْ يَقُوْلَ النَّاسُ: هَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَفِي يَدِهَا سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ).
ثُمَّ خَرَجَ، فَاشْتَرَتْ بِالسِّلْسِلَةِ غُلاَماً، فَأَعْتَقَتْهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الحَمْدُ للهِ الَّذِي نَجَّى فَاطِمَةَ مِنَ النَّارِ).
عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَادَ فَاطِمَةَ وَهِيَ مَرِيْضَةٌ، فَقَالَ لَهَا:
(كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟).
قَالَتْ: إِنِّي وَجِعَةٌ، وَإِنَّهُ لَيَزِيْدُنِي، مَا لِي طَعَامٌ آكُلُهُ.
قَالَ: (يَا بُنَيَّةُ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُوْنِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ العَالَمِيْنَ؟).
قَالَتْ: فَأَيْنَ مَرْيَمُ؟
قَالَ: (تِلْكَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِهَا، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ عَالَمِكِ، أَمَا -وَاللهِ- لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَيِّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ).
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّمَا فَاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنِّي، يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطُهَا، وَيَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا).
وَصَحَّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَلَّلَ فَاطِمَةَ وَزَوْجَهَا وَابْنَيْهِمَا بِكِسَاءٍ، وَقَالَ: (اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي، اللَّهُمَّ فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهِّرْهُم تَطْهِيْراً).
عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَمُرُّ بِبَيْتِ فَاطِمَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، إِذَا خَرَجَ لِصَلاَةِ الفَجْرِ، يَقُوْلُ: (الصَّلاَةَ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، {إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً})
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
نَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، فَقَالَ: (أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُم، سِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُم).
وقد نزل فى شأنها وزوجها قرآن ُُيتلى إلى يوم القيامة ، فقد نزل جبريل الأمين على رسول الله بقوله تعالى : " وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً ولا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا "
وقال جبريل : خذها يا محمد هنيئا لك فى أهل البيت
وفى الصحيحين قالت عائشة - رضى الله عنها - :جاءت فاطمة تمشى ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله فقام إليها وقال : " مرحبا بابنتى "
وأخرج أبو داود والحاكم عن عائشة - رضى الله عنها - قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله من فاطمة وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها وكذلك كانت هى تصنع به .
وفاة الرسول
ولما كان رسول الله فى المرض الذى لحق فيه بالرفيق الأعلى وقت احتضار النبى دخلت عليه وقد ألم به المرض فحزنت وقالت : وا كرب أبتاه .
فقال رسول الله : " لا كرب على أبيك بعد اليوم ". ثم كلمها فى أذنها فبكت ثم أسر إليها أخرى فضحكت ،
عن عائشة - رضى الله عنها - قالت :كنا أزواج النبى اجتمعنا عنده فلم يغادر منهن واحدة فجاءت فاطمة تمشى ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله فلما رآها رحب بها وقال : " مرحبا بابنتى " ثم أقعدها عن يمينه أو عن يساره . ثم سارَّها فبكت ثم سارها الثانية فضحكت ،
فلما قام قلت لها : خصك رسول الله بالسر وأنت تبكين ، عزمت عليك بما لى عليك من حق لما أخبرتنى مم ضحكت ومم بكيت ؟
قالت : ما كنت لأفشى سر رسول الله.
فلما توفى قلت لها : عزمت عليك لما لى عليك من حق لما أخبرتنى
قالت : أما الآن فنعم فى المرة الأولى حدثنى : " أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وأنه عارضنى العام فى هذه السنة مرتين وأنى لا أحسب ذلك إلا عند اقتراب أجلى فاتقى الله واصبرى فنعم السلف لك أنا وأنت أسرع أهلى بى لحوقا " فبكيت،
فلما رأى جزعى ، قال :" أما ترضين أن تكونى سيدة نساء العالمين أو سيدة نساء هذه الأمة فضحكت .
فلما مات رسول الله بكته بكاءً شديدا وقالت يومها : يا أبتاه أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه فى جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه .
ولما دفن أقبلت فاطمة - رضى الله عنها - على أنس بن مالك فقالت : يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله
وفاتها
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
عَاشَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَدُفِنَتْ لَيْلاً.
وَصَلَّى عَلَيْهَا العَبَّاسُ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا هُوَ وَعَلِيٌّ وَالفَضْلُ
عَنِ أُمِّ جَعْفَرٍ:
أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: إِنِّي أَسْتَقْبِحُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ، يُطْرَحُ عَلَى المَرْأَةِ الثَّوْبُ، فَيَصِفُهَا.
قَالَتْ: يَا ابْنَةَ رَسُوْلِ اللهِ، أَلاَ أُرِيْكِ شَيْئاً رَأَيْتُهُ بِالحَبَشَةِ؟
فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ، فَحَنَتْهَا، ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْباً.
فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! إِذَا مِتُّ فَغَسِّلِيْنِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ، وَلاَ يَدْخُلَنَّ أَحَدٌ عَلَيَّ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ، جَاءتْ عَائِشَةُ لِتَدْخُلَ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: لاَ تَدْخُلِي.
فَشَكَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ، فَوَقَفَ عَلَى البَابِ، فَكَلَّمَ أَسْمَاءَ.
فَقَالَتْ: هِيَ أَمَرَتْنِي.
قَالَ: فَاصْنَعِي مَا أَمَرَتْكِ، ثُمَّ انْصَرَفَ.
وهِيَ أَوَّلُ مِنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الإِسْلاَمِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ.